مبدأ استقلال القضاء في السودان بين النظرية والتطبيق
بقلم محمد الزين الماحي
محامي وناشط حقوقى وباحث مهتم بالحقوق المدنية والسياسية
__
“عملت ما في وسعي لصيانة استقلال القضاء منذ كان شرف لي تضمين ذلك المبدأ في ميثاق أكتوبر، ولا أريد لنفسي أن أبقى على رأس الجهاز القضائي لأشهد عملية تصفيته “
وتقطيع أوصاله وكتابة الفصل المحزن من فصول
بابكر عوض الله
رئيس القضاء السوداني
1967-1965
الفصل بين السلطات هو أساس استقلال القضاء، وهذا يعني أن السلطة القضائية كمؤسسة يجب أن تكون مستقلة إدارياً ومالياً في إتخاذ قرارها، وهذا يستلزم أن يمارس القضاة مسؤولياتهم المهنية دون تأثير أو تدخل من أي سلطة أخرى في إقامة العدل. كما أنه حق لكل مواطن في أن يكون له قضاء عادل ونزيه في مجتمع تسود فيه مبادئ حكم القانون. وعند إقرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من الجمعية العمومية للأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1948، نصت المادة 10 منه (لكل إنسان الحق في المساواة التامة مع الآخرين في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نظراً عادلاً، علينا للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه إليه). وفي 16 ديسمبر1966، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي بدأ العمل بموجبه في 23 مارس 1976، تضمن ضرورة تحقيق المساواة لكل الناس أمام المحاكم ويحق لكل شخص أن يحصل على محاكمة عادلة وعلنية من قبل محكمة مستقلة محايدة يحددها القانون، أنظر المادة 14/1 منه، وهو من العهود التي صادق عليها السودان. كما أنه صادق أيضاً على الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب في 1981، والذي جاء فيه نص المادة 7/1 (حق التقاضي مكفول للجميع). وأكدت المادة 26 من ذات الميثاق (يتعين على الدول الأطراف في هذا الميثاق ضمان استقلال المحاكم). ولتأكيد هذا المبدأ، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1985، إعلان المبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية. هذه الصكوك الدولية والإقليمية، احاطت استقلال القضاء بمجموع من الضمانات. كما أن إعلان المبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية 1985، حث الدول في مادته الأولى على تضمين استقلال السلطة القضائية في دساتيرها وقوانينها. على ضوء تلك المبادئ والمعايير، كيف كانت التجربة في السودان؟ هل تم صون تلك المبادئ وتوفير قدراً من الضمانات بشأن استقلال السلطة القضائية؟
الإطــار التاريخي والتشريعي للسلطة القضائية في السودان
إدارة القضاء في السودان في فترة الإستعمار البريطاني كانت للحاكم العام، ثم آلت إلى مجلس الحاكم العام الذي كان يتكون من الحاكم العام والسكرتير الإداري والمالي والسكرتير القضائي الذي كان مسئولاً عن التشريع وإدارة القضاء، أي أن القضاء كان جزءاً من السلطة التنفيذية. وعند استقلال السودان في يناير 1956، صدر دستور السودان المؤقت لسنة 1956 تم النص فيه على أن ولاية القضاء في جمهورية السودان لهيئة مستقلة تسمى الهيئة القضائية، حيث جاء في نص المادة 9 منه:
1. تتولى إدارة القضاء مصلحة منفصلة تسمى الهيئة القضائية.
2. رئيس القضاء وقاضي القضاة – كان هناك قسمين القضاء المدني والشرعي تم توحيد القسمين تحت مسمى الهيئة القضائية في تاريخ 11 أغسطس 1983 وأعضاء المحاكم العليا يعينهم مجلس السيادة بعد التشاور مع الرئيس المختص (رئيس القضاء).
3. العزل، فلا يجوز عزلهم إلا بأمر من مجلس السيادة بناءاً على توصية بالعزل تقدم من الرئيس المختص (رئيس القضاء) وجميع أعضاء المحكمة العليا الآخرين.
أو
4. في جلسة مشتركة للمجلسين بأغلبية ثلاثة أرباع الأعضاء.
أمــا
5. أعضاء المحاكم الفرعية فقد كان يعينهم رئيس القضاء إلا أن عزلهم كان يتم بأمر من رئيس القضاء بعد موافقة مجلس السيادة.
بعد الإنقلاب العسكري الأول في السودان 17 نوفمبر 1958، تم تعطيل الدستور وصدر الأمر الدستوري الأول في العام 1958. وقد نص في المادة 4 منه على أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو السلطة القضائية العليا في السودان.
في 21 أكتوبر 1964 بقيام ثورة أكتوبر 1964، صدر دستور السودان المؤقت المعدل لسنة 1964، هذا الدستور أبقى على كيفية تعيين القضاة وعزلهم، كم كان الحال في دستور السودان المؤقت لسنة 1956، مع تعديل في صدور الإجازة بدلاً عن المجلسين، أصبحت الجمعية التأسيسية. في 25 مايو 1969 وقع الإنقلاب العسكري الثاني في السودان، صدر دستور جديد دستور السودان الدائم 1973، في هذا الدستور وفقاً لنص المادة 188 منه فإن الحق في تعيين وعزل رئيس القضاء وقضاة المحكمة العليا وقضاة محكمة الإستئناف وسائر قضاة المحاكم لرئيس الجمهورية. كما أن أنشيء الدستور مجلس القضاء العالي لتقديم النصح لرئيس الجمهورية في تعيين وعزل القضاة وترقيتهم ونقلهم ومحاسبتهم.
صدر دستور السودان الإنتقالي لسنة 1985 بعد ثورة مارس أبريل 1985، في هذا الدستور وفقاً لنص المادة 123/1:
1. يعين رأس الدولة رئيس القضاء ونوابه بناءاً على توصية من مجلس القضاء العالي وقضاة المحكمة العليا.
2. يعين رأس الدولة قضاة المحكمة العليا وقضاة محاكم الإستئناف والمديرية بناءاً على توصية مجلس القضاء العالي.
أما عزل القضاة وقد نظم في المادة 124 من ذات الدستور، حيث جاء فيها عزل رئيس القضاء وأي من نوابه وأي من جميع القضاة، يتم بقرار من رأس الدولة ويصدر بناءاً على توصية بذلك من ثلثي مجموع أعضاء مجلس القضاء العالي وقضاة المحكمة العليا. وبناء على هذا الدستور، صدر قانون الهيئة القضائية لسنة 1986، ألغى هذا القانون قانون مجلس القضاء العالي 1983.
في يونيو 1989 وقع الإنقلاب العسكري الثالث، صدر فيه دستور السودان 1998، وجاء فيه وفقاً لنص المادة 102/2 أن سائر القضاة يعينهم رئيس الجمهورية بناءاً على توصية من مجلس القضاء العالي، أما بشأن ترقية وإنهاء خدمات القضاة فله هو أيضاً بناءاً على توصية مقدمة من مجلس القضاء العالي، وذلك حسب أحكام نص المادة 104/2 من ذات الدستور. في هذا الدستور، استحدثت المحكمة الدستورية كمحكمة منفصلة، بعد أن كانت دائرة من دوائر المحكمة العليا. وقد منح الدستور المشار إليه، رئيس الجمهورية حق رئيسها وأعضاؤها وفقاً لأحكام المادة 105/1 منه، بعد موافقة الهيئة التشريعية (المجلس الوطني).
بعد إتفاق السلام الشامل بين الحركة الشعبية لتحرير السودان وحزب المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم)، صدر دستور السودان الإنتقالي لسنة 2005 فيه منح حق تعيين رئيس القضاء ونوابه بالإضافة إلى قضاة المحكمة العليا وكل القضاة الآخرين لرئيس الجمهورية بموافقة النائب الأول لرئيس الجمهورية، وفقاً لأحكام نص المادة 130 من ذات الدستور. أما عزل القضاة فهو حق لرئيس الجمهورية، وفقاً لأحكام نص المادة 131 من الدستور المشار إليه، بتوصية من رئيس القضاء بعد موافقة المفوضية القومية للخدمة القضائية. هذه المفوضية انشأت وفقاً لنص المادة 129 من دستور السودان الإنتقالي لسنة 2005 تتولى الإدارة العامة للقضاء القومي.
أما بشأن المحكمة الدستورية، فإن رئيسها يعينه رئيس الجمهورية بموافقة النائب الأول لرئيس الجمهورية ولا يعزل من منصبه، إلا للعجز أو السلوك الذي لا يتناسب وموقعه، ولا يتم هذا إلا بقرار من رئيس الجمهورية يصادق عليه ثلثي الممثلين في مجلس الولايات وهو أحد عرف البرلمان آنذاك.
أما قضاة المحكمة الدستورية، يتم تعيينهم بناءاً على توصية المفوضية القومية للخدمات القضائية وبموافقة ثلثي جميع الممثلين في مجلس الولايات. كما أنه لا يجوز عزل أي قاضي من هذه المحكمة إلا بقرار من رئيس الجمهورية بتوصية من رئيس المحكمة ويوافق عليه مجلس الولايات بأغلبية ثلثي الممثلين.
بعد ثورة 19 ديسمبر 2018، صدر مرسوم دستوري رقم 38 بإعتماد الوثيقة الدستورية للفترة الإنتقالية، وقد نص في هذه الوثيقة على إنشاء مجلس للقضاء العالي ليحل محل المفوضية القومية للخدمة القضائية.
أكدت هذه الوثيقة أن تكون السلطة القضائية مستقلة عن مجلس السيادة والمجلس التشريعي الإنتقالي والسلطة التنفيذية، ويكون لها الاستقلال المالي والإداري اللازم، ويكون رئيس القضاء رئيساً للسلطة القضائية مسئولاً عن إدارة السلطة القضائية لدى مجلس القضاء العالي.
وبناء على هذه الوثيقة الدستورية، صدر قانون مفوضية إصلاح المنظومة الحقوقية والعدلية لسنة 2020 تشريع رقم 13 لسنة 2020، تم تعريف المنظومة الحقوقية والعدلية بأنها السلطة القضائية، والمحكمة الدستورية، والنيابة العامة، ووزارة العدل، ولجنة قبول المحامين، ونقابة المحامين، ومعهد العلوم القضائية والقانونية، وكليات القانون في الجامعات السودانية، وأي جهة أخرى تختص بالعمل الحقوقي والعدلي. أما من حيث التشكيل، تكون بقرار من مجلس الوزراء على النحو الآتي:
رئيس القضاء، النائب العام، وزير العدل، نقيب المحامين، ممثلين عن السلطة القضائية، النيابة العامة، وزارة العدل، نقابة المحامين. هذا بالإضافة، لستة من القانونيين ذو الخبرة والكفاءة في القانون من غير العاملين بأجهزة الدولة العدلية والقضائية يتم اختيارهم بواسطة رئيس القضاء والنائب العام ووزير العدل. وهناك مشروع لقانون مجلس القضاء العالي لسنة 2021، أبقى هذا المشروع على أن يتم تعيين رئيس القضاء ورئيس المحكمة الدستورية وعزلهم، يتم بناءاً على موافقة مجلس السيادة. ظل مشروع قانون مجلس القضاء العالي مشروعاً لم يتم إجازته حتى الآن، كما أن المحكمة الدستورية لم تشكل حتى حدوث إنقلاب أكتوبر 2022، وبدأت مفاوضات لاستعادة الإنتقال في السودان قدم مشروع للدستور إنتقالي بناءاً على إتفاق إطاري.
بالرغم من أنه وحتى هذه اللحظة ما زالت الحرب التي حدثت في 15 أبريل 2023 بين الأطراف، لم يتوصل السودانيين بعد لإتفاق لإيقافها وإستعادة الإنتقال المدني الديمقراطي. إلا أن هذا المقترح الذي جاء في الدستور الإنتقالي وجد رفضاً من قضاة المحكمة العليا، حيث جاء في المذكرة المرفوعة منهم أن هذا المشروع والإتفاق الإطاري كفلا للقوى السياسية السيطرة على السلطة القضائية من اختيار المجلس الأعلى للقضاء ورئيس القضاء ونوابه ورئيس وأعضاء المحكمة الدستورية والنائب العام. كما أنهم اعتبروا أن خضوع السلطة القضائية للإصلاح المؤسسي عن طريق مفوضية يعينها مجلس الوزراء مساساً بالسلطة القضائية وإنتهاكاً لاستقلال القضاء، كما جاء بمقترح مشروع الإتفاق السياسي الإطاري الموقع بين المكون العسكري وبعض القوى المدنية على إنشاء مجلس عدلي مؤقت من 11 عضو من الكفاءات الوطنية القانونية يتم إختيارهم بواسطة الأطراف الموقعة على الإعلان السياسي. كما أن الوثيقة الدستورية لسنة 2019 منحت مجلس الوزراء تعيين رئيس وأعضاء بعض المفوضيات من ضمنها مفوضية الإصلاح القانوني.
عليه نجد أن الذي ساد في الفترة الإنتقالية هو ذات ما كان عليه العمل وفقاً لأحكام الدستور الإنتقالي لسنة 2005.
مظاهر استقلالية السلطة القضائية
بالرغم من أن كافة الدساتير السودانية المختلفة، قد تضمنت مبدأ استقلال السلطة القضائية، هذا أيضاً ما تم التكريس له في نص المادة 4 من قانون الهيئة القضائية لسنة 1986، حيث جاء (تكوين ولاية القضاء في جمهورية السودان لسلطة مستقلة تسمى الهيئة القضائية)، وهذا الاستقلال هو مطلب أساسي لحكم القانون دونه لا تتوافر ضمانات المحاكمة العادلة، هذه الولاية للسلطة القضائية تتطلب أن تكون إدارة القضاء له.
إدارة القضـــاء
1. تم أنشاء المفوضية القومية للخدمة القضائية وفقاً لسن المادة 129 من دستور السودان الإنتقالي لسنة 2005، ينشئها رئيس الجمهورية بعد التشاور في رئاسة الجمهورية، تتولى هذه المفوضية الإدارة العامة للقضاء القومي. وقد جاء نص المادة 29 من الوثيقة الدستورية للفترة الإنتقالية في 2019 (ينشأ مجلس للقضاء العالي ليحل محل المفوضية القومية للخدمة القضائية ويتولى مهامها ويحدد القانون تشكيلهِ واختصاصاتهِ وسلطاتهِ)، ولكن كما أسلفنا أن قانون مجلس القضاء العالي لم يتم إجازته.
جاء تشكيل هذه المفوضية من أشخاص أغلبهم من خارج السلطة القضائية، ومن مهام هذه المفوضية إجازة السياسة العامة للسلطة القضائية القومية وموازنتها، والتوصية لرئيس الجمهورية بتعيين رئيس القضاة ونوابه وقضاة المحكمة العليا القومية وكل قضاة السودان، والموافقة على التوصية بعزل القضاة وفقاً للقانون، والتوصية بترقيتهم. كما أنه يجوز للمفوضية في سبيل مباشرة مهامها واختصاصاتها المنصوص عليها في القانون، تفويض رئيس القضاء في ممارسة أي من مهامها واختصاصاتها، فيما عدا حالات التعيين والترقيات والعزل.
الترقية
وضع قانون الهئية القضائية لسنة 1986 أسس ترقية القضاة واعتماد تقدير الكفاءة، ولجنة تفتيش القضاة هي من يقوم بتقويم آدائهم من تقرير الكفاءة، وهذا التقويم يقوم على الأسس الآتية:
1. تقدير الآداء الموضوعي ويشمل طبيعة القضايا وعددها ومستوى آداء القاضي فيها.
2. تقدير الرئيس المباشر ويشمل سلوك القاضي وإنتظامه في عمله وإدارته لمحكمته.
3. درجات الإحصاء.
4. عدم المخالفات الإدارية.
· تتم ترقية المساعد القضائي لقاضي جزئي من الدرجة الثالثة بناءاً على التقارير المرفوعة عنه.
في حالة أي قاضي يقل تقدير الكفاءة عن درجة فوق الوسط، يتم إخطاره بواسطة رئيس القضاء، وله حق التظلم إلى المفوضية. كما أن رئيس القضاء يخطر أي قاضي تم تخطيه في الترقية، إذا حل دوره ولم يكن أسمه وارداً في قائمة الترشيح للترقيات لسبب غير الكفاءة، قبل عرض مشروع الترقيات على المفوضية بالأسباب التي أدت إلى عدم ترشيحه للترقية ويكون حق التظلم إلى المفوضية. تفصل المفوضية فيما يرفع إليها من تظلم بعد الإطلاع على الأوراق قبل إبداء رأيها في مشروع ترقيات القضاة ويكون قرارها في هذه الحالة نهائياً وغير قابل للتظلم أو الطعن بأي من الطرق أو أمام أي جهة قضائية.
إدارة تفتيش القضاة وتقويم آدائهم
هي من الإدارات المهمة لتفتيش القضاة وتقويم آدائهم، وهي مسؤولة إدارياً أمام رئيس القضاء.
توجد لجنة قومية للتفتيش، تكون بقرار من رئيس القضاء برئاسة أحد نوابه أو أحد قضاة المحكمة العليا وعضوية عدد مناسب من قضاة المحكمة ومحاكم الإستئناف . وهناك لجان تفتيش ولائية لتفتيش القضاة وتقويم آدائهم في كل جهاز قضائي، تكون مسؤولة فنياً لدى اللجنة القومية وإدارياً لدى رئيس الجهاز القضائي المختص.
إختصاص اللجنة القومية
1. تفتيش أعمال قضاة محاكم الإستئناف وتقديم المقترحات التي تراها ضرورية لتحسن الآداء.
2. دراسة الطلبات التي تحال إليها من المفوضية أو رئيس القضاء ورفع توصيات بشأنها.
3. مراجعة تقارير التفتيش والتقويم الولائية بغرض تأييدها.
4. ترفع اللجنة القومية لتفتيش القضاة وتقويم آدائهم تقاريرها إلى المفوضية بواسطة رئيس القضاء.
5. تحيط اللجنة القومية لتفتيش القضاة وتقويم آدائهم علماً بما يودع في ملفاتهم من ملاحظات في غير صالحهم.
نقل القضاة وندبهم
النقل المرتبط بضمانة عدم العزل، لأنه في بعض الأحيان يشكل عقوبة مبطنة ولها تأثير سالب على استقلاله، وعلى العكس يكون الندب الذي يعطي السلطة التنفيذية يداً لمكافأة من تريد، ولكنه أيضاً يكون عقوبة عن طريق التخلص والإقصاء عن طريق الإنتداب. لاسيما أن مدة الإنتداب قد تصل إلى خمسة سنوات، أما ندب القاضي بصفة مؤقتة لغير عمله إقترنت بضمانة أن الإنتداب برضائهم. أما الإعارة بأعمال قضائية أو قانونية إلى الحكومات الأجنبية أو المنظمات أو الهئيات الدولية والأقليمية، يكون ذلك بقرار يصدره رئيس الجمهورية بناءاً على توصية من رئيس القضاء على أن لا تزيد مدة الإعارة عن خمسة سنوات متصلة. أما نقل القاضي لجهة غير قضائية، يكون بموافقة رئيس القضاء وموافقة الجهة المنقول إليها بقرار من رئيس الجمهورية.
القبض والتحقيق والمحاكمة:
من الضمانات الهامة التي كفلها المشرع للقضاة أثناء تأدية وظيفتهم، وضع نظم خاصة لمساءلة القضاة جزائياً وتأديبياً . نجد أن قانون الهئية القضائية لسنة 1986 في المادة (66) منه نصت على: (1. لا يجوز القبض على القاضي أو حبسه أو إتخاذ أي من إجراءات التحقيق معه أو رفع دعوى جنائية ضده، إلا بأذن من رئيس القضاء أو رئيس الجهاز القضائي المختص أو أقرب قاضي أعلى درجة منه.
2.على الرغم من أحكام البند (1) يجوز القبض على القاضي أو حبسه في حالة التلبس في أي من الجرائم المطلقة، على أن يرفع الأمر إلى رئيس القضاء أو رئيس الجهاز المختص بحسب الحال خلال أربعة وعشرون ساعة، كلما كان ذلك ممكناً من بدء القبض أو الحبس للتأييد أو الإلغاء، على أن يتم حبس القاضي في منزله أو في أي مكان خاص، كلما كان ذلك ممكناً.
3. يتولى التحقيق في جميع الحالات قاضي أعلى درجة من القاضي المحقق معه.
كما أنه يجوز لرئيس القضاء أو رئيس الجهاز القضائي المختص بحسب الحال أن يأمر بوقف القاضي عن العمل أثناء إجراءات التحقيق أو المحاكمة في أي جريمة تقع منه، على أنه لا يترتب على إيقاف القاضي أثناء التحقيق إيقاف مرتبه كلياً أو جزئياً، ما لم ينص على ذلك صراحة في أمر الإيقاف.
بهذا التشكيل للمفوضية نجد أن إدارة القضاء لم تنفرد بالسلطة القضائية إنما إدارة سائر شئونه واقع تحت التدخل المباشر لنفوذ السلطة التشريعية والتنفيذية.
الاستقلال فـي إتخــاذ القــرار
استقلال القاضي في إتخاذ القرار، يعني أن يمارس مهامه القضائية بصورة مستقلة على أساس تقييم الوقائع المطروحة أمامه، دون أي إغراءات أو ضغوط أو تهديدات أو تدخل مباشر أو غير مباشر من أي جهة أخرى. وبما أن الولاية في البت في جميع المسائل ذات الطابع القضائي يكون لها دون تدخل من السلطة التنفيذية والتشريعية. كما أنه على أجهزة الدولة واجب واحترام استقلال السلطة القضائية.
نماذج لممارسة المحاكم في السودان
النموذج الأول:
السابقة القضائية جوزيف قرنق وآخرون ضد مجلس السيادة وآخرين
م ع/ت م/93/1965م
(مجلة الأحكام القضائية لسنة 1968م، ص10)
في جلسة الجمعية التأسيسية بتأريخ 22 نوفمبر 1965، قدم مشروع قانون التعديل ونصه (تعدل المادة 5 من الدستور المؤقت المعدل سنة 1964)، والمادة 5 نص عليها في الفصل الثاني الحقوق الأساسية من الدستور تحت عنوان حرية الدين والرأي وحق تأليف الجمعيات:
(1) يتمتع جميع الأشخاص بحرية الإعتقاد وبالحق في أداء شعائرهم الدينية بحرية بشرط ألا يتنافى ذلك مع الآداب أو النظام العام أو الصحة، كما يقتضيها القانون.
(2) لجميع الأشخاص الحق في حرية التعبير عن آرائهم والحق في تأليف الجمعيات والاتحادات في حدود القانون.
أجيز مشروع التعديل إضافة الحكم الشرطي الآتي في أخر البند 2 (على أنه لا يجوز لأي شخص أن يروج أو يسعى لترويج الشيوعية سوء كانت محلية أو دولية أو يروج أو يسعى لترويج الإلحاد أو عدم الإعتقاد في الأديان السماوية أو يعمل أو يسعى للعمل عن طريق القوة أو الإرهاب أو بأي وسيلة غير مشروعة لقلب نظام الحكم).
تم إضافة بند جديد للمادة 3 (كل منظمة تنطوي أهدافها أو وسائلها على مخالفة الحكم الشرطي الوارد في ذيل الفقرة 2 تعتبر منظمة غير مشروعة، وللجمعية التأسيسية أن تصدر أي تشريع تراه لازماً لتنفيذ أحكام ذلك النص). بتاريخ 16 ديسمبر 1965، تم إسقاط عضوية الأعضاء الشيوعيين وطردهم من الجمعية التأسيسية. وضد هذا الإسقاط والطرد من الجمعية التأسيسية، أقام النواب الشيوعيون القضية الدستورية المشار إليها بعاليه.
جاء قرار المحكمة العليا بإبطال هذا التعديل، وأن الحريات في المادة (5) من الدستور لا يجوز تعديلها، وأن كل ما حدث كأن لم يحدث. غير أن السيد/الصادق المهدي رئيس الوزراء آنذاك أعلن الحكومة غير ملزمة بأن تأخذ بهذا الحكم القضائي الخاص بالقضية الدستورية، صحية الرأي العام الصادرة بتاريخ 13 يناير 1967م وكان تبريره أن هذا الحكم تقريري غير ملزم.
بناءاً على رفض السلطات التنفيذية والتشريعية تنفيذ هذا الحكم، تقدم السيد/ بابكر عوض الله رئيس القضاء آنذاك بإستقالته احتجاجاً على عدم احترام استقلال السلطة القضائية.
النموذج الثاني:
محاكمة محمود محمد طه وآخرين في العام 1985. لم تراعى في هذه المحاكمة ضمانات المحاكمة العادلة، حيث أنه أرسل إذن من القصر الجمهوري بالمحاكمة تحت المادة 147 إجراءات جنائية لسنة 1983 إلى محكمة الجنايات رقم 4 بام درمان، وهي من ضمن المحاكم الجنائية التي أنشاؤها رئيس الجمهورية آنذاك بموجب القرار الجمهوري رقم 35 لسنة 1405هـ، تشرع فوراً في المحاكمة تحت المواد 27 (أ) و96 ط ك و105 عقوبات لسنة 1983، والمادة 20 (أ) أمن الدولة، والمادة الثالثة من قانون أصول الأحكام القضائية لعام 1918. وبتاريخ 7 يناير 1985، مثل أمامها محمود محمد طه وبقية المتهمين، وانحصرت إجراءات المحاكمة في سماع أقوال المتحري، وتقديم ليومية التحري بأقوال المتهمين ومنشور (هذا أو الطوفان) في هذه المحاكمة، أعلن محمود محمد طه عدم تعاونه مع المحكمة لأنها تنكرت لحرمة القضاء المستقل، وأصبحت أداة في يد السلطة التنفيذية. ومن ثم أصدرت المحكمة حكماً جاء منطوقه كالآتي: (الإعدام شنقاً حتى الموت وأن يكون لهم الحق في التوبة والرجوع عن دعوتهم إلى ما قبل تنفيذ الحكم، ترفع الأوراق إلى محكمة الإستئناف للفحص والتأييد بتاريخ 15 يناير 1985، في إطار ما هو مخول لها في الفحص والتأييد، قامت بإصدار وفي غياب المتهمين بوضع تهمة لم توجه لهم في محكمة الجنايات. فأصدرت حكماً لا صلة له بقانون العقوبات أو أي قانون آخر فضلاً عن عدم وجود نص لجريمة الردة كجريمة منصوص عليها، وأصدرت عقوبات لم تكن موجودة في القانون، ألا يصلي على المحكوم عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين وأن تكون أمواله فيّئاً للمسلمين. وبتأريخ 17 يناير 1985 أذاع رئيس الجمهورية آنذاك بيان عبر الإذاعة والتلفزيون بتأييد الإدانة بجريمة الردة وعقوبة الإعدام. وبتاريخ 18 يناير 1985، تم تنفيذ حكم الإعدام على محمود محمد طه وحده بينما ألغيت العقوبة في مواجهة الآخرين من خلال إجراءات التوبة ومن ثم حمل جثمانه بطائرة إلى جهة مجهولة بغرض دفنه. بعد قيام ثورة مارس أبريل 1985، تقدمت أسماء محمود محمد طه وعبد اللطيف عمر حسب الله بطعن دستوري ضد حكومة جمهورية السودان قيد بالرقم م ع/ق د/1406هـ، مطالب فيها إعلان بطلان إجراءات محاكمة المواطن محمود محمد طه تلك الإجراءات التي أنتهت بالحكم عليه بالإعدام وتنفيذه، لأنها أدت إلى إهدار حقوقه الدستورية المنصوص عليها في الدستور الدائم (الملغي) لسنة 1973 والدستور المؤقت لسنة 1985، واللذان أكدا على أن تلك الحقوق استناداً إلى ما نص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948. وكان رد ممثل النائب العام على النحو الآتي:
وكان رد النائب العام به اعتراف واضح وصريح بأن المحكمة لم تكن عادلة ولم تتقيد بإجراءات القانون، كما أنها لم تتقيد بالإجراءات القانونية وبها أن المحاكمة إجهاض كامل لعدالة القانون ولا نرغب في الدفاع إطلاقاً عن تلك المحاكمة.
وقضت المحكمة العليا ببطلان تلك المحاكمة، لأن ما كان يقوم به المواطن محمود محمد طه من نشاط لم يكن إلا ممارسة لحقه الدستوري في التعبير عن عقيدته وفكره وآرائه بالطرق السلمية دون أن يشهر سلاحاً في وجه أحد أو يقهر إنساناً على قبول عقيدته. وأن محاكمته على ذلك النشاط يشكل إهداراً لأهم حقوقه الأساسية والدستورية. كما أن جميع الأوامر التي أصدرتها محكمة الإستئناف كعدم الصلاة على جثمانه وعدم دفنه بمقابر المسلمين ومصادرة كل كتبه ومطبوعاته واعتبار أمواله فيئاً للمسلمين بحيث صدر منزله لصالح الدولة، كلها تنطوي على عقوبة ليس لها مكان في قانون العقوبات، كما أنها تتعارض مع حقوقه الشرعية. هذا بالإضافة إلى أن قانون العقوبات السوداني لسنة 1983 لم يتضمن في نصوصه ما سمى بجريمة الردة. وإن صحت لم توجهها محكمة الموضوع له إنما استحدثتها محكمة الإستئناف. بالإستناد على قانون أصول الأحكام القضائية المادة 3 من أصول الأحكام القضائية تقرأ: على الرغم مما قد يرد في قانون أخر وفي حالة غياب النص يحكم الواقعة (أ) يطبق ما يجد من حكم شرعي ثابت بنصوص الكتاب والسنة..... (تم تعديل على نص المادة 3 من أصول الأحكام القضائية من فيما عدا الدعوات الجنائية). كان على المحكمة أن تعيد الأوراق إلى محكمة الموضوع لإعادة المحاكمة على ضوء هذه التهمة، أو أن تمارس بنفسها إعادة المحاكمة. كما أن محاكمته على جريمة سميت بالردة تعد إنتهاكاً لحق المتهم الدستوري المكفول له بموجب المادة 70من دستور السودان لسنة 1973، والتي تنص على عدم جواز معاقبة أي شخص عن جريمة ما لم يكن هنالك قانون يعاقب عليها وقت إرتكابها، وهذا الحق أكدته أيضاً المادة 7من دستور السودان الإنتقالي 1985.
أنظر سابقة أسماء محمود محمد طه وعبداللطيف عمر حسب الله ضد حكومة السودان المنشورة بمجلة الأحكام القضائية السودانية 1986.
ضمانة عدم القابلية للعزل
هذه الضمانة تعني عدم قدرة الحكومة من تلقاء نفسها عزل القاضي، إلا وفقاً لما يحدده القانون، ولعل لهذه الضمانة أهمية لتحقيق استقلال القضاء. ولكن في مايو 2021، أصدر مجلس السيادة الأنتقالي قراراً بإعفاء رئيس القضاء نعمات عبد الله محمد خير مهدراً هذه الضمانة، حيث أن تم تعينها بموجب المادة 12 من الوثيقة الدستورية لسنة 2019 التي منحت الحق لمجلس السيادة في اعتماد تعيين رئيس القضاء بعد ترشيحه من قبل مجلس القضاء العالي ولحين إعادة تشكيله، يتم التعيين بواسطة مجلس السيادة بالرغم من نص الوثيقة الدستورية سلطة اعتماد تعيين رئيس القضاء بعد ترشيحه من مجلس القضاء العالي. ولما كان مجلس القضاء العالي لم يشكل بعد، وقد تم تعيين رئيس القضاء بتاريخ 10 اكتوبر 2019 لحين إعادة تشكيل مجلس القضاء العالي. وبهذا العزل يكون مجلس السيادة أهدر من أهم الضمانات التي حرصت المواثيق والإعلانات الدولية على تأكيدها، ومنها مبادئ الأمم المتحدة الأساسية لاستقلال السلطة القضائية لسنة 1984 في الفقرة 12 منها (يبقي القضاة في مناصبهم سواء كانوا معينين أو منتخبين يمارسون عملهم حتى سن التقاعد الإجباري أو حتى إنتهاء مدة تعينهم في المنصب).
مراجعة المراجعة
أجاز المشرع السوداني لرئيس القضاء أن يشكل دائرة من خمسة قضاة من المحكمة القومية العليا لمراجعة أي حكم صادر منها إذا تبين له أن ذلك الحكم ربما أنطوى على مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية أو خطأ في القانون أو تطبيقه أو تأويله. قرار الدائرة يكون بأغلبية الأعضاء وضرورة أن تشكل الدائرة المذكورة من قضاة أغلبيتهم لم يشاركوا في إصدار الحكم موضوع المراجعة، وتكون المراجعة قاصرة على الأحكام المدنية، وفقاً لنص المادة 2015 من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983، وهو أمر جوازي لرئيس القضاء. في يناير 1998، أدخل تعديل بموجب مرسوم مؤقت لتعديل قانون الإجراءات الجنائية تم إضافة المادة 188/أ من قانون الإجراءات الجنائية، أعطت لرئيس القضاء سلطة في تشكيل دائرة من خمسة لمراجعة أي حكم صادر منها، بالرغم من أن المحكمة الدستورية السودانية كانت قضت بعدم دستورية هذا التعديل في الطعن الدستوري محمد ساكن حماد ضد ورثة بخيت محمد أحمد وحكومة السودان بالنمرة م د/ق د/118/2012. إلا أنه ما زال التعديل ساري حتى الآن. كما أنه ساد في الفترة الأخيرة مراجعة المراجعة وقد قامت المحكمة القومية العليا بمراجعة حكم المراجعة بالرقم 474/2017 فيما بين جمال مرقص مراد ضد ورثة مكرم مرقص وآخر. وكان أمرها النهائي إلغاء حكم المراجعة بالرقم 474/2017 ما دونه من أحكام وصدر قرارها بالأغلبية. وجاء الرأي المخالف على هذه الأسس :
1. إن حكم المراجعة بالرقم 474/2017 قد نال تماماً الحجية وأصبح نهائي وإعادة المراجعة تفرغ نص المادة 29 من قانون الإجراءات المدنية 1983 من محتواها (حجية الأمر المقضي فيه).
2. غياب النص الذي يجعل للمحكمة العليا الحق في أن تراجع أحكام المراجعة.
3. تأكيد على استغلالية السلطة القضائية تكون الأحكام والقرارات التي تصدرها المحاكم ملزمة واجبة التنفيذ ويتعرض من يمتنع عن تنفيذها الى المساءلة القانونية . أقامت لجنة معاشي الكهرباء دعوى في مواجهة الهئية القومية للكهرباء في العام 2006، حكمت المحكمة القومية العليا الدائرة الإدارية بإرجاع حق الامتياز لكافة المحالين للمعاش، والبالغ عددهم أربعة ألف معاشي، المتمثل في إعطاء ما بين 500- 900 كيلو واط في الشهر، إلا أن الهئية رفضت تنفيذ ذلك. ومن ثم أيدت المحكمة العليا الدائرة الإدارية الإستئنافية الحكم الصادر بإرجاع حق الإمتياز للمعاشي الكهرباء في الطعن بالرقم ط أ س/41/2010 معاشيو الهئية القومية للكهرباء ضد مجلس إدارة الهئية القومية ط أ س/41/2010. وجاء رأي مولانا مصطفى حسن النور عضو الدائرة الإستئنافية (يبدو أن القاضي المختص متأثر بالفقه المصري الذي يري أن سلطة الإلغاء تقف عند مجرد الحكم بإلغاء القرار الإداري دون أن يكون له حق إصدار أي أوامر للإدارة أو الحلول محلها في إصدار القرارات الإدارية أو تعديلها. نصت المادة 15 من قانون القضاء الإداري لسنة 2005 والتي تقرأ (تنفذ أحكام المحاكم الإدارية وفقاً للأحكام المتعلقة بالتنفيذ في قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983.
2/ كل من يمتنع أو يعيق أو يهمل في تنفيذ قرار المحكمة الإدارية يكون عرضة للمساءلة الجنائية.
وأن المستأنف ضدها ملزمة بتنفيذ الأحكام القضائية ولا تمتلك الإمتناع وكل من يمتنع أو يعيق أو يهمل في تنفيذ قرار القاضي المختص يكون عرضة للمساءلة الجنائية، وكان على القاضي المختص حمل المستأنف ضدها على تنفيذ الحكم بدلاً من القول بأن الحكم غير قابل للتنفيذ خلافاً للحكم الصادر من المحكمة الأعلى).
الحق في المحاكمة المنصفة والمناصفة والمحايدة
إن مبدأ الاستقلالية مرتبط إرتباطً بقضاء محايد أو غير متحيز. وكان بالسودان عدداً من المحاكم مرتبطة بمصالح محلية أو هئيات حكومية مثل محكمة الضرائب، الزكاة، العوائد، الميناء، النظام العام، فأصدرت رئيس القضاء نعمات عبدالله محمد خير أوامر بإلغاء أوامر تأسيس تلك المحاكم، بموجب القرار بالرقم 133/2020. قضي هذا القرار بأن تحال كل القضايا التي لم يتم الفصل فيها بعد من تلك المحاكم إلى المحاكم المختصة وفقاً لاختصاصها النوعي والمكاني. وقد صدر هذا القرار عملاً بأحكام المواد 2/5 و46 من قانون السلطة القضائية لسنة 1986 تعديل 2017، وأستناداً للمادة 52 من الوثيقة الدستورية التي كفلت حق الأشخاص في المحاكمة العادلة.
تأكيداً على استغلالية السلطة القضائية تكون الأحكام والقرارات التي تصدرها المحاكم ملزمة وواجبة التنفيذ ويتعرض من يمتنع عن تنفيذها إلى المساءلة القانونية.
المصــــادر
1) الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948.
2) العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966.
3) دستور السودان المؤقت لسنة 1956.
4) الأمر الدستوري الأول 1958.
5) دستور السودان المعدل 1964.
6) دستور السودان الدائم 1973.
7) دستور السودان الإنتقالي 1985.
8) دستور السودان 1998.
9) دستور السودان الإنتقالي 2005.
10) الوثيقة الدستورية للفترة الإنتقالية 2019.
11) مجلة الأحكام القضائية السودانية 1968.
12) مجلة الأحكام القضائية السودانية 1988.
13) قانون السلطة القضائية لسنة 1986.
14) قانون مفوضية الخدمة القضائية لسنة 2005.
15) قانون إصلاح المنظومة الحقوقية والعدلية 2020.
16) مشروع لقانون مجلس القضاء العالي لسنة 2021.

