استقلالية القضاء في دساتير ما بعد الثورات العربية: الضمانات والإخفاقات

بقلم كريم مرزوقي

محام وناشط حقوقى وباحث في القانون. يكتب بصفة دورية بالخصوص حول الديمقراطية وحقوق الإنسان.واستقلالية القضاء في الوطن العربي. ساهم بورقة بحثية حول وضع القضاء في تونس في المؤلف الجماعي "مشروع قيس سعيّد: مقاربات نقدية" الصادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية حول المغرب العربي. تولى خطة مسؤول الاتصال بهيئة الحقيقة والكرامة. شارك أيضًا في المسابقة النهائية للمرافعات حول حقوق الإنسان بموريتانيا عام 2022 بمرافعة حول اغتيال شيرين أبو عاقلة.

__ 

    مقدّمة

الإصلاح السياسي المنبثق عن الثورات العربية عام 2011 لم يكن لينفصل، بحكم طبيعته، عن استحقاق الإصلاح القضائي باعتبار أن المطلبية الديمقراطية وقوامها الفصل بين السلط تستلزم، وبالخصوص، تأمين مقوّمات استقلالية السلطة القضائية. دون عن ذلك، يمثّل القضاء ضمانة جوهرية لسيادة القانون، بما هي الأفق الموعود في التحديث السياسي، وبالتبعية ضمان حقوق الأفراد وحرياتهم، وكذلك وبالمقابل ضمان مساءلة أعوان السلطة العامة بعيدًا عن أي تحصين. ولكن أيضًا تصاعدت العلاقة، بتحفيز المانحين الدوليين، حول ارتباط دولة القانون بتحفيز الاستثمار الأجنبي والنمو الاقتصادي[1]. وإجمالًا توجد مقولة ضمنية أن الديمقراطية تفضي دومًا إلى استقلال القضاء ويفضي الاستقلال القضائي إلى سيادة القانون[2]. بل أكثر من ذلك يمكن القول، أن استقلال القضاء هو المفهوم الوحيد من مفاهيم الحكامة الحديثة الذي يتمتع باحترام أوسع انتشارا من مفهوم الديمقراطية[3]. وبكلّ ذلك فرض مخبر إصلاح القضاء نفسه في خارطة الإصلاحات ضمن عملية الدمقرطة بعد 2011، خاصة عبر بوابة الإنشاءات الدستورية سواء في إطار وضع دساتير جديدة (تونس ومصر) أو مشاريع الدساتير (ليبيا واليمن) أو تعديل الدساتير الموجودة (الجزائر والمغرب).

ومن البيّن أن الحرص على إكساء ضمانات الاستقلالية، بمختلف تنوّعاتها في النص الدستوري، يتأتى لما يكتسيه الدستور من علوية على القوانين، فلا ريب أن خيار الدسترة يظلّ أكثر ضمانًا، إذ أنه يحول دون قدرة السلطة التشريعية، السياسية بطبعها، من استباحة تعديل القوانين بمنأى عن أي قيود دستورية صارمة. فإن كانت تكتفي المبادئ الأممية بلزوم ضمان الدول لاستقلال السلطة القضائية في دساتيرها أو قوانينها، فإن المعايير الأوروبية تستلزم بوضوح وجود التنصيص على الضمانات في الدستور أو أعلى مرتبة قانونية متاحة في دولة ما[4].

هذا وإن كانت المدوّنة الدولية توفّر عناصر موجّهة لضمان الاستقلالية، على غرار المبادئ الأساسية الصادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة ومبادئ بنغالور، فإنه لا توجد وصفات جاهزة، ولذلك على سبيل المثال، تؤكد المفوضية الأوروبية للديمقراطية من خلال القانون (المعروفة باسم لجنة البندقية) أنه لا يوجد نموذج واحد يمكن تطبيقه على جميع البلدان بخصوص التعيينات القضائية[5]. وبذلك، خاضت الورشات الدستورية المفتوحة في بلدان الثورات العربية نقاشات ثرية في هذا الجانب.

وقد تصدّرت القوى الفاعلة في مجال استقلال القضاء، وبالخصوص منها الجمعيات المهنية للقضاة الناشطة منذ ما قبل الثورات، الجهات المحفّزة لتنظيم القضاء في البناء الدستوري، بالخصوص دسترة ضمانات الاستقلالية. ولكن تباعًا، لم يكن الصراع التقليدي إثر كل ثورة بين القوى الثورية/الإصلاحية من جهة وقوى الردّة من جهة أخرى بخارج عن مخبر النقاش المفتوح. وكذلك بقدر ما كانت، من جهتها، القوى السياسية الفاعلة بعد الثورات، التي كان جلها ضحيّة وضع الأنظمة الاستبدادية يدها على القضاء وتجييره في استهداف الحريات خاصة عبر المحاكمات السياسية، تجمع على أولوية إصلاح القضاء، فقد كانت مضامين هذا الإصلاح موضع اختلاف فيما بينها ما فتئ يتزايد. وهو ليس اختلاف نتيجة تباين مقاربات أو توجهات إصلاحية بدرجة أساسية، بقدر ما كان نتيجة حالة ريبة أيضًا لما يمثّله القضاء في ذاته من سلطة حسم، خاصة إن ما تعلّقت الصورة بالقضاء الدستوري أو الإداري باعتبار أن الصراعات السياسية، في فترة الانتقال الديمقراطي في أكثر من بلد، مثلت النزاعات القضائية أحد أدواتها. ارتياب جعل المشهد في عديد المواضع يأخذ صورة معركة على القضاء وليس من أجل القضاء، وهي العلاقة التقليدية المرتبكة بين السلطة السياسية والقضاء وهو بذاته سلطة.

لكن في خضمّ كلّ ذلك، ظلّت الموجة دافعة نحو تعزيز تموقع السلطة القضائية في البناء الديمقراطي ضمن النص الدستوري. على نحو يدفع لتطارح، كيف تمثّلت ضمانات استقلالية القضاء في البناء الدستوري بعد الثورات العربية؟ إذ لا ريب أن الاطلاع على الدساتير أو مشاريع الدساتير بصفة مجملة، يلاحظ تكريسًا علنيًا، (1) لهذه الضمانات بما يؤشر على محورية رهان الاستقلال القضائي في عملية الانتقال الديمقراطي، وبالخصوص باعتباره شرطًا لا محيد عنه في بناء دولة القانون، ولكن هذا التكريس واجه عطوبة (2) على النحو المعاين، إما بتواصل غياب مقوّمات استقلالية القضاء خاصة تجاه السلطة السياسية في بلدان أو بمعاينة انتكاسة في مسار تركيز الاستقلالية في بلدان أخرى.

1-  تكريس علني للضمانات الدستورية

إن ما عكست دساتير ما بعد الثورات اهتمامًا بيّنًا بضمانات استقلالية القضاء استلهامًا أساسًا من المبادئ الدولية (أ)، فإن ذلك ظلّ محدودًا (ب).

أ- مظاهر التكريس

كان جليًا الاهتمام بالتنظيم الدستوري للقضاء وبالخصوص دسترة ضمانات استقلاليته في دساتير ما بعد الثورات، انطلاقًا، من الارتفاع الملاحظ في عدد المواد الدستورية، إجمالًا في هذا الباب، مقارنة بالدساتير المنسوخة. ففي تونس، ارتفعت مواد السلطة القضائية من 6 إلى 23 مادة بين دستوري 1959 و[6]2014 على التوالي. وفي المغرب، زادت أكثر من الضعف بدورها من 11 إلى 27 مادة بين دستوري 1996 و2011 أيضًا[7]. عكست الدسترة بذلك اعترافًا أوليًا بإعادة الاعتبار للسلطة القضائية في البناء الدستوري، ولكن أيضًا بلزوم التنصيص على أكثر قدر متاح من الضمانات في الوثيقة القانونية الأسمى لتأمين تنزيلها في النص التشريعي والممارسة. إذ لطالما ظهر الاختزال في دساتير ما قبل الثورات بالتوازي مع الإحالة لتنظيم المسائل في شكل قوانين بابًا لصياغة نصوص تشريعية لاحقًا متعارضة مع مبادئ الاستقلالية.

تشكّل، في الأثناء، مجالس القضاء العليا إحدى ضمانات استقلالية القضاء بالمفهوم الحديث، وقد ارتبطت نشأتها في تاريخ عدد من الدول الأوروبية بالخروج من الديكتاتوريات وبنيّة إنعاش مبدأ فصل السلط[8]. وفرضت هذه المجالس نفسها ضمن الاستقلالية المؤسساتية، بما يتيح تحصين القضاء من تدخّل السلطتين التنفيذية والتشريعية عبر تولّي مجلس أعلى إدارة الشؤون القضائية ومجمل ما يتّصل بالمسار المهني للقضاة. ولم تكن هذه المجالس بمنعدمة في دساتير ما قبل الثورات بصفة إجمالية، بيد أنها كانت منزوعة القدرة على القيام بدورها المنشود سواء بحكم طبيعتها أو تركيبتها أو مهامها، وهو ما عملت دساتير ما بعد الثورات على تداركه بشكل متمايز فيما بينها.

يمثّل دستور تونس 2014 نموذجًا رياديًا في دسترة مجلس الأعلى القضاء، عبر إنشاء مجلّس موحّد يجمع الأقضية الثلاث (العدلي والإداري والمالي) مع تمتّع كل صنف من القضاء، في نفس الوقت، بمجلس قطاعي خاصّ. وهو يتمتّع بالاستقلال الإداري والمالي والتسيير الذاتي، كما يختصّ بالبتّ في المسار المهني للقضاة وفي مادة التأديب.

وإن ما كان النقاش دائمًا حول صيغ تركيبة المجلس، باعتبارها المسألة الجوهرية في قياس قدرته على أداء المهمة المنوطة بعهدته، اعتمد الدستور التونسي مبدأ الانتخاب لثلثي أعضائه[9]، لضمان مشروعية في إدارته لشؤون القضاء، وتبنيًا للمعايير الأوروبية التي توجب أن يظلّ القضاة المنتخبون أكثرية في مجالس القضاء[10]، مع إرساء تركيبة مختلطة أي عدم حصر تركيبته في القضاة فقط عبر الانفتاح على المهن القضائية المجاورة، كالمحاماة وعدالة التنفيذ وأيضًا الأساتذة الجامعيين، وذلك إنفاذًا للتوصيات الدولية لضمان الرقابة الداخلية[11]، وهو ما تبنته بدوره مسودة دستور اليمن لعام 2015[12]. وعلى خلاف كلّ ذلك، كان الدستور المنسوخ في تونس لعام 1959، ينصّ فقط على وجود مجلس أعلى للقضاء ينظّمه القانون الذي أحدث تركيبة قضائية صرفة خاضعة لمبدأ التعيين أساسًا بل يترأسه رئيس الجمهورية وينوبه وزير العدل، بما يعني تأمين السلطة التنفيذية يدها على منافذ الشأن القضائي.

وفي المغرب، إن حافظ دستور 2011 على رئاسة الملك للمجلس الأعلى للقضاء كما دستور 1996، فإنه أحدث تعديلًا في تركيبته عبر إلغاء عضوية وزير العدل ودسترة تمثيلية المرأة في القضاة المنتخبين، مع التنصيص على استقلاله الإداري والمالي. وهو التنصيص الوحيد الذي أضافه أيضًا التعديل الدستوري في الجزائر عام 2016 في هذا الجانب، مقابل الإبقاء على الإحالة في تنظيم تركيبته للقانون. وبدورها، اقترح مشروع الدستور الليبي لعام 2017 إحداث مجلس أعلى للقضاء يتولى مهام في مقدمتها "تعيين أعضاء السلطة القضائية وترقيتهم وتأديبهم وتنظيم شؤونهم الوظيفية كافة"[13].

وفيما يتعلق بضمانات الاستقلالية الذاتية، يمثّل مبدأ عدم نقلة القاضي إلا برضاه ضمانة جوهرية لاستقلال القضاة في أمنهم الوظيفي، فإذا لم يتمتّع القضاة بثبات في وظيفته لمدّة كافية قد يخضع بسهولة أكبر لضغوطات خارجية[14]. وهو مبدأ ورد تكريسه في دستور تونس عام 2014 [15]، ودستور الجزائر بعد تعديل [16]2016، ولم تسبق دسترته. وظهر لافتًا بالخصوص التنصيص على تحجير التدخل في القضاء في دساتير ما بعد 2011 في تونس[17]، والمغرب[18]، والجزائر[19]، ويذهب الدستور المصري إلى عدم سقوط جريمة التدخل في العدالة بالتقادم[20]، وهو ما تقترحه مسودة دستور اليمن[21]، كما ظهر جليًا الاهتمام بحماية القاضي من الضغوطات والتهديدات كإرساء تدابير حماية خاصة إزاء التدخل[22].

وفي جانب متّصل، يعدّ تمتع القضاة بحرياتهم الأساسية تحديدًا في التعبير والتجمّع ركنًا جوهريًا، لضمان ممارسة حرياتهم للدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية وفي مقدّمتها استقلاليتهم، على نحو ما تؤكده المواثيق الدولية[23]. إذ كرّست المادة 111 من الدستور المغربي لعام 2011 حقّهم في التعبير من جهة وإنشاء جمعيات مهنية أو بالانضمام إليها من جهة أخرى. فيما كرّس دستور 2014 في تونس حق القضاة في الإضراب، وذلك لأول مرة بعد تحجيره بمقتضى قانون يعود لعام 1967، قبل استعادة التحجير مجددًا في النظام الدستوري والتشريعي المتعلق بالقضاء بعد التدابير الاستثنائية في 25 يوليه 2021.

لا مشاحة في القول، في الختام، إن إلقاء نظرة عامة على موجة دساتير ما بعد ثورات 2011 تؤكد تعزيزًا لضمانات استقلالية القضاء، سواء كانت مؤسساتية أو ذاتية، بيدها أنها تظلّ قاصرة ومحدودة.

ب- حدود التكريس

بقدر تزايد دسترة ضمانات استقلالية القضاء، بمختلف تمظهراتها، في دساتير ما بعد الثورة مقارنة بسابقتها، فهو لم يبلغ، مع تباين النصوص الدستورية المستحدثة، السقف الذي أوردته المواثيق الدولية، خاصة ما يتعلق بالاستقلالية المؤسساتية باعتبار أن السلطة السياسية، التأسيسية/التشريعية والتنفيذية، لم تكن متحمّسة في عديد المواضع، بتحفيز هذا النوع من الاستقلالية بالخصوص.

ومن الملاحظ، أن من شواهد حدود التكريس هو اعتماد تقنية الإحالة للقانون دون دسترة أي ضمانات، فالدستور المصري لعام 2012 مثلًا، اكتفى بالتنصيص على أنه كل جهة أو هيئة قضائية تقوم على شؤونها مع الاكتفاء بالإحالة لتولي القانون للمسائل التنظيمية دون سابقية ضبط القيود الدستوري الواجب احترامها. بدوره، اكتفى التعديل الدستوري في الجزائر عام 2016 أنه يحدّد قانون عضويّ تشكيل المجلس الأعلى للقضاء وعمله وصلاحيّاته الأخرى. وكذلك، تفادى مشروع دستور ليبيا لعام 2017 وضع غطاء دستوري ضابط لتركيبة المجلس الأعلى للقضاء.

ودستور المغرب لعام 2011 الذي يظهر غير شحيح في تفصيل التنظيم الدستوري للقضاء مقارنة بالنص الدستوري السابق، فذلك لا يعكس بالضرورة خطوة للأمام، على الأقل، بخصوص تركيبة المجلس الأعلى للسلطة القضائية، التي ارتفعت تركيبته من 11 عضوًا بينهم 6 قضاة منتخبين، إلى 21 عضوًا بينهم 10 قضاة منتخبين، وهو ما يعني تراجع نسبة القضاة المنتخبين من العدد الجملي إلى ما دون الأغلبية، رغم تقدير البعض للتناصف باعتبار الدور الرمزي للملك في رئاسته. إذ ظلّت، بالنهاية، تسود اليد الملكية، كما استمرّ تولّي رئيس الجمهورية بدوره في الجزائر رئاسته للمجلس، وظلّ بصفته هذه يوصف بأنه "القاضي الأول في البلاد"، وهي عبارة غريبة عن مبادئ القانون الدستوري[24]. والملاحظة، إن القضاة المنتخبين في المجلس الأعلى بالمغرب يمارسون عملهم لولاية واحدة دون تجديدها ليعودوا تباعًا لمواقعهم الوظيفية، وهو ما قد يجعلهم مصفّدين بمآل مستقبلهم المهني، وهو ما يقتضي تعزيز حصانتهم لتقوية موقعهم التداولي داخل المجلس[25].

ويتبيّن إجمالًا بمراجعة رئاسة مجالس القضاء في الوطن العربي أن رئيس الدولة يتولى بشخصه رئاستها في ستّ بلدان، فيما تختار السلطة التنفيذية الرئيس في ثمان بلدان، ولا يتولى المجلس نفسه دورًا مهمًا، على الأقل نظريًا، في عملية الاختيار إلا في ثلاث بلدان فقط[26]. ولا غرو أن تعاظم دور السلطة التنفيذية داخل مجالس القضاء وبالخصوص رئاستها أو تعيين رئيسها يسمح لها بوضع اليد على عملها وقوامه إدارة المسارات المهنية والتأديبية للقضاء، وبالتبعية يسمح للسلطة السياسية بالتحكم في الشأن القضائي برمّته.

في جانب متصّل،  بدا واضحًا الاختزال المخلّ في عدم دسترة أي ضمانات في تنظيم القضاء في الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية في السودان لعام 2019، مقابل الاكتفاء بالتنصيص على استقلالية السلطة القضائية عن مجلس السيادة والمجلس التشريعي الانتقالي والسلطة التنفيذية[27]، وهو إن ما يعود ظاهرًا للطبيعة المؤقتة للنص الدستوري، فهو يعكس واقعًا هامشية استحقاق استقلالية القضاء في تنظيم المرحلة الانتقالية التي لازالت سارية في السودان.

والدستور التونسي لعام 2014، الذي بدا جليًا أنه النص الدستوري الأكثر نضجًا في الموجة الدستورية العربية بعد 2011، لم يخلو بدوره من نقائص، ومن ذلك عدم تجريمه للتدخل في القضاء على نحو كان يفترض إلزام السلطة التشريعية بوضع نصّ جزائي يجرّم بشكل صريح التدخل في القضاء والقضاة ويضبط العقوبة المستوجبة لذلك.

ولكن النكوص التّام والتدحرج السريع هو الذي عرفته تونس في دستور 2022، الذي نسف جلّ مكتسبات الاستقلالية المؤسساتية والذاتية الواردة في دستور 2014، وبما يتعارض مطلقًا مع المبادئ الدولية الدنيا في مواضع عدّة[28]. إذ، لم تتم دسترة المجلس الأعلى للقضاء مع التنصيص على إنشاء مجالس قضائية قطاعية يضبط القانون تركيبتها واختصاصاتها[29]. وكشف مرسوم المجلس الأعلى المؤقت للقضاء توجّه السلطة السياسية في إنشاء تركيبة قضائية فقط، وتضمّ كبار القضاة فقط، مع اعتماد مبدأ التعيين فقط[30]، وهو ما يتخالف جملة وتفصيلًا مع تركيبة المجلس في دستور 2014. كما حذف الدستور الجديد تحجير التدخّل في القضاء والمحاكم الاستثنائية والامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية، كما اكتفى بتسمية رئيس الدولة للقضاء بترشيح من مجلس القضاء المعني دون اشتراط الالتزام بحصرية ترشيحه كما الدستور السابق، دون عن التخلي عن التنصيص الدستوري بأن المجالس القضائية تتولى لوحدها البتّ في المسارات الوظيفية والتأديبية للقضاة، وهو ما يفتح الباب لتأسيس تدخّل رئيس الجمهورية مباشرة في المسارات التأديبية، وهو الباب المفتوح عمليًا بمقتضى مرسوم رئاسي[31].

2-  تكريس معطوب للضمانات الدستورية

إن الضمانات الدستورية لاستقلال القضاء، بغض النظر عن مضامينها، ظلّت تواجه هشاشة في تنزيلها التشريعي (أ) أو الواقعي على نحو معاينة ضعف استقلالية المحاكم وتحديدًا المحاكم الدستورية المنشئة (ب).

أ- هشاشة التنزيل التشريعي للضمانات الدستورية

رغم الضمانات الواردة في النص الدستوري، بتفاوتها في الموجة الدستورية بعد 2011، فإن محتواها لا يوفّر في حدّ ذاته استقلالية محقّقة للسلطة القضائية، ولا تؤمن أثرًا فوريًا ضد تدخّل السلطة السياسية على وجه الخصوص، وذلك لاعتبارات بعضها موضوعي، كالحاجة لتنزيل الضمانات الدستورية في شكل قوانين نافذة، ولكن أيضًا لاعتبارات سياقية مرتبطة بتردّد السلطة السياسية في تأمين مسار تثبيت قضاء مستقلّ عنها.

دستور تونس 2014 على سبيل المثال، رغم ريادته في تضمين ضمانات الاستقلالية، فقد ظلّ تنزيله، في هذا الجانب غير ميسّر. لا يتعلّق الأمر بتأخر إرساء المجلس الأعلى للقضاء لمدة أكثر من سنتين عن تاريخ أول انتخابات تشريعية، والحال أن الدستور افترض إرساؤه في ظرف 6 أشهر فقط، ولكن أيضًا بالتحديات الجمّة التي واجهت عمله. مجلس يتكوّن من 45 عضو، من أصناف مهنية مختلف وانتماءات متباينة، ليس مجلس قادر على تأمين النجاعة خاصة باعتباره بذرة أولى، لا زالت لم تؤسس تقاليدها وأعرافها. بنهاية المطاف، لم يستطع المجلس المصادقة على نظامه الداخلي طيلة زهاء 5 سنوات من عمله قبل حلّه بشكل انفرادي من رئيس الدولة. وظلّت الضبابية السائدة في ضبط معايير دقيقة وصارمة لإعداد الحركة القضائية دافعًا في إثارة جوّ من عدم الشفافية في أحيان عديدة في التعيين والنقل.

 

وتبقى المسؤولية الرئيسية لمحدودية تنزيل الضمانات الدستورية ملقاة على المؤسسة التشريعية: عدم إصدار قوانين حيوية لاستقلال القضاء على غرار الأنظمة الأساسية الخاصة بالقضاة العدليين والإداريين والماليين كل على حدة، وقانون التفقدية العامة (التفتيش القضائي)، ومجلة القضاء الإداري، وكذلك تعديل مجلة الإجراءات الجزائية (بخصوص العلاقة بين السلطة التنفيذية والنيابة العامة)، ومجلة المرافعات والعقوبات العسكرية (بخصوص عدم محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية)، لتكون متوائمة مع الدستور. لم تكن هذه الورشات التشريعية أولوية في البرلمان على نحو زاد في تعثّر مسار تركيز القضاء المستقل المندوب. وهو ما يسّر، بشكل أو بآخر، الانقضاض على هذا المسار بعد 25 يوليه 2021.

التنزيل التشريعي للاستقلالية المؤسساتية للسلطة للقضائية في الجزائر يكشف، من جانبه، عن حدود الضمانات المدسترة. قانون المجلس الأعلى للقضاء وإن بدا ظاهرًا متوائمًا مع النص الدستوري من ناحية تعزيز تموقع القضاة المنتخبين، فإن سلطة رئاسة الجمهورية على المجلس بقيت بكليتها خصوصا فيما يتعلق بسلطته في التعيينات، فعدا تعيينه رئيس المحكمة العليا ورئيس مجلس الدولة، فإنه يتمتع بصلاحيات واسعة في التعيين في مختلف الهيئات القضائية[32] .وهو إجمالا ما يزال يحتفظ بصلاحياته الكاملة في التعيين في هذه الهيئات سواء بطريقة مباشرة أو من خلال وزير العدل[33].

في المغرب، وعدا حدود الضمانات المدسترة من زاوية الدور الفاعلي للسلطة الملكية دائمًا، فقد ظلّت الملاحقات القضائية ضد الناشطين والصحفيين معيارًا لقياس حدود استقلالية القضاة في مواجهة السلطة السياسية التي تسعى دائمًا لإثبات حزمها عبر الأحكام القاسية، ومن ذلك الأحكام الصادرة ضد نشطاء الريف عام 2018، التي وُصفت بأنها "انتقامية"[34].

أما في مصر، مجلس القضاء الأعلى لم يكن بذاته مؤسسة حمائية لاستقلال القضاة بل تورّط مع السلطة السياسية في محاصرة قضاة، ويُذكر، في هذا الجانب، استبعاد 188 قاض من تعيينات معاونين النيابة العامة نهاية عام 2013، بعلّة انتمائهم لجماعات سياسية في مقدّمتها الإخوان المسلمين، وهو ما نفوه مؤكدين أن الاستبعاد حصل، ليس لأسباب سياسية، انما لأسباب تتصل بالطبقية وآليات التوريث السائدة في السلك القضائي[35]. وتأثر المناخ القضائي برمّته بتصاعد النزعة التسلّطية للسلطة السياسية، التي دفعت نحو إحالة معارضيها لمحاكمات سياسية انتهت أحيانًا بصدور أحكام قضائية بالإعدام، في غياب مقوّمات المحاكمة العادلة.

ويتبيّن بالنهاية، أن الضمانات الدستورية، على تباينها بين الدساتير من جهة ومحدوديتها من جهة أخرى، لم تجد أثرها، بالشكل المأمول على الأقل، سواء في التشريع أو الممارسة. ولا ريب، أن ذلك يعود لتراجع حماسة السلطة السياسية في تركيز سلطة قضائية مستقلة، بعد خفوت الاحتجاج المطلبي وتقلص الضغوطات على نحو أدى تباعًا لتراجع أولوية الإصلاحات السياسية ومنها إصلاح القضاء في السنوات اللاحقة، على النحو الذي أدّى لتحقيق انتكاسة في بعض الأحيان في النموذج التونسي بعد 2021 بعد أن كان نموذجًا رياديًا في المنطقة.

ب- ضعف استقلالية المحاكم: المحاكم الدستورية نموذجًا

ترتبط المحاكم الدستورية بمهمّة تأمين الرقابة القضائية على دستورية القوانين، بما يعزّز دور السلطة القضائية في تطبيق الدستور في مواجهة السلطة السياسية، تنفيذية كانت أو تشريعية، وهي عادة ما تتصدّى للفصل في القضايا الملحّة. كما ترمز إلى نهاية الحقبة الاستبدادية، ويرتبط نجاحها ارتباطًا وثيقًا بنجاح الديمقراطية الدستورية[36]. وحملت بذلك الثورات العربية عام 2011 موجة إحداث محاكم دستورية، على النحو الماثل في المغرب، والأردن، وتونس، والجزائر، على نحو أن نصف الدول العربية (11 من 22 دولة) أرست في نظامها المؤسساتي هذا الصنف من المحاكم[37]. ولكن معاينة التنظيم الدستوري لها، وهذا المهمّ أيضًا، للممارسة العملية، تكشف، بشكل جليّ، محدودية قدرة المحاكم الدستورية على تأمين الرقابة القضائية بمعزل تامّ عن تأثير السلطة التنفيذية، وهو ما يؤكد ضعف استقلالية هذه المحاكم، وبالخصوص قصورها على فرض سيادة القانون وفصل السلطات في نهاية المطاف.

ففي الأردن، انبثقت المحكمة في التعديل الدستوري عام 2011 مع إفراغها في نفس الوقت من قدرتها على أداء دورها في التمثّل المنتظر، وذلك بتولّي الملك لوحده تعيين جميع أعضائها التسعة[38]، على نحو يؤمن محكمة تابعة بنهاية المطاف للإرادة الملكية. وظلّت المعضلة في محكمة أمن الدولة، وهي محكمة خاصّة واردة في الدستور الأردني تختلف عن المحاكم النظامية من حيث الاختصاص والتركيبة، وهي تنظر في أصناف عديدة من الجرائم، في مقدمتها التآمر على أمن الدولة ومناهضة نظام الحكم والتطاول على الملك، وقد بلغ عدد القضايا المفصولة لديها 19 ألف قضية في عام واحد فقط[39]. وبالنهاية، لم تصدر المحكمة الدستورية منذ نشأتها أي أحكام متعارضة مع الإرادة السياسية المسيطرة في البلاد.

ففي هذا الجانب، بدا لافتًا تصدّر مجلس الوزراء الجهات الطالبة لإصدار المحكمة لقرارات تفسيرية، وهذا يحمل في طيّاته العديد من التأويلات التي ربما قد تخرج فلسفة التفسير عن مسارها وتحوّلها إلى جهة إصدار فتاوى لإضفاء الشرعية على بعض القرارات أو تبريرها[40]. ومن ذلك، القرار التفسيري الصادر بعدم جواز إصدار أي قانون يتعارض مع التزامات الأردن في اتفاقيات دولية سابقة، وهو تصدّي استباقي لاستبعاد هكذا قوانين، وكان ذلك بعد اقتراح البرلمان مشروع قانون لإلغاء اتفاقية الغاز مع إسرائيل. في جانب متصل، لم تتلق المحكمة الدستورية إلا 34 طعنًا منذ إنشائها عام 2013 إلى سبتمبر 2020، وصدرت 8 أحكام بعدم دستورية النصوص المطعون فيها[41]، وعدد الطعون يظلّ محدودًا في نهاية المطاف على نحو يقيّد فاعلية دور المحكمة في النظام المؤسساتي والتشريعي برمته.

المحكمة الدستورية المنشئة في المغرب عام 2011، في ذات الإطار، يتولى الملك تعيين نصف أعضائها الإثني عشر مع تعيين النصف الآخر مناصفة بين غرفتي البرلمان بأغلبية الثلثين، وهو تصميم يخوّل عمليًا للقضاة المعنيين من قبل الملك لمنع أي قرار لا ينسجم مع رغبته في كل الأحوال. وفي الواقع، ظلّ الانتظار لعام 2017، أي لست سنوات، حتى يعيّن الملك أعضاء المحكمة ويتم تدشينها، وهو تأخير يكشف عن عدم حماسة في إرسائها بالنظر لدورها النظري البحت في رقابتها على السلطة السياسية.

وفي مصر، واصلت المحكمة الدستورية العليا منذ زمن مبارك مهامها، فيما ظلّ تنصيص دستور 2012 على إرساء محكمة دستورية تضم 11 عضوًا مع تنظيم طريقة التعيين والشروط الواجب توفرها في شكل قانون لم يصدر لاحقًا إلى غاية تعليق الدستور في العام الموالي. وظلّت الشكوك تحوم حول نزاهة المحكمة الدستورية العليا باعتبارها من إرث النظام السابق خاصة بعد قدرة مبارك على فرض موالاتها لها في السنوات الأخيرة في حكمه[42]. قضت المحكمة الدستورية العليا عام 2012، بأن القانون الانتخابي الذي انتظمت على أساسه الانتخابات التشريعية غير دستوري بخصوص الأحكام المرتبطة بالمترشحين المستقلين، ليصدر المجلس العسكري تبعًا لذلك أمرًا بحلّ المجلس النيابي. وهو قرار انتقده حزب العدالة والتنمية الذي كان يتحوّز على 235 مقعدًا (47.5 في المائة)، باعتباره مدفوع لصالح جهات سياسية معيّنة. كما أصدرت المحكمة قرارات أخرى مثيرة للجدل السياسي، بغض النظر عن تأسيسها القانوني، كرفض القانون الانتخابي الجديد للمجلس النيابي بما حال دون تنظيم انتخابات نيابية في ظل دستور 2012، وقرارها عدم دستورية القانون الانتخابي لمجلس الشورى في يونيه 2013. وقد بدا أن قراراتها دائمًا ما تدعم المصالح المعادية للإسلاميين[43]. وواقعًا، تعزّزت القناعة بتحيّز المحكمة بعد مشاركتها في الإخراج المؤسساتي بعد انقلاب 3 يوليو 2013، عبر تولّي رئيسها عدلي منصور الرئاسة المؤقتة للبلاد بدل الرئيس المنتخب محمد مرسي. بعد بضع سنوات، عيّن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رئيس هيئة القضاء العسكري اللواء صلاح الرويني عضوًا في المحكمة الدستورية، اللواء صلاح الرويني، رئيس هيئة القضاء العسكري، ويُعتبر إقحام شخصية عسكرية في مؤسسة كهذه خروجًا عن المعايير والتقاليد القضائية.[44]

وفي تونس، الصورة كانت مخالفة، إذ حال حجم الارتياب بين الأحزاب خشية من سيطرة طرف ما على المحكمة، ذات المهام الخطيرة، دون إنشاء المحكمة في حدّ ذاتها، رغم أن دستور تونس عام 2014 يفترض إنشائها في ظرف أقصاه عام واحد من أول انتخابات في ظلّ هذا الدستور التي انتظمت في نفس سنة إقراره، شرط توافق أغلبية ثلثي أعضاء البرلمان لانتخاب ثلث الأعضاء، ليتولى المجلس الأعلى القضاء تعيين الثلث الثاني، وثم رئيس الجمهورية الثلث الأخير، وإن كان معسّرًا واقعًا بالنظر للتركيبة المتعددة للبرلمان، فإنه لا ينفي حقيقة توجّه ضمني داخل لفيف واسع من المكوّن الحزبي على عدم أولوية إرساء المحكمة، باعتبارها ستؤمن رقابة على السلط السياسية وبالتالي ستحدّ من نفوذها. هذه الحقيقة، تأكدت مع دستور 2022 الذي وإن تضمن إنشاء محكمة دستورية أيضًا، فلم يضبط أجل دستوري لإنشائها، ولا تظهر بعد أي بوادر من السلطة السياسية على تحفّز لإرسائها، رغم يسر ذلك، باعتبار أن تركيبتها قضائية صرفة وفق مبدأ الأقدمية. وهو تصميم دستوري يسمح للسلطة السياسية عمليًا بوضع الأعضاء المفضّلين لديها، وذلك في ظلّ سابقية إدارة السلطة السياسية للمسارات المهنية تعيينًا ونقلًا للقضاة وذلك في ظل الواقع حتى الآن. 

الخاتمة

على أهمية الضمانات الدستورية لاستقلال القضاء في دساتير ما بعد الثورات العربية، مقارنة بالدساتير السابقة، رغم تباينها بين بلد وآخر، ورغم حدودها بشكل عامّ، فإنها لم تكن لوحدها ضمانًا لوجود قضاء مستقلّ، الذي يفترض مسارًا لا يتوقّف فقط على التنزيل التشريعي للضمانات المستجدّة، ولكن أيضًا حسم السلطة السياسية في بناء قضاء مستقلّ، وهو ما لم يتوفّر باعتبار أن السلطة السياسية، خاصة بعد انتكاسة الانتقال الديمقراطي وآخرها في تونس عام 2021، سعت لتوظيف القضاء في فرض سطوتها واستهداف المعارضين، وهو ما جعلها تتحفّز لفرض قضاء تابع منزوع الاستقلالية عنها في نهاية المطاف.

__

[1] انظر مثلًا حول هذه العلاقة

S.Haggard et al, The rule of law and economic development; Annual review of political science, no 11, June 2008, pp205-234.

[2] النظم السياسية وحكم القانون: استقلال القضاء من منظور مقارن، غريشه هيلمكه وفرانسيس روزنبولت، ترجمة ثائر ديب، مجلة حكامة، العدد 6، المجلد الثالث، ربيع 2023، ص، 171.

[3] المرجع السابق، ص، 194.

[4] كما ورد في الفقرة 2.1 من الميثاق الأوروبي لوضع القضاة لعام 1998.

"L'importance du statut des juges, auquel est liée la garantie de la compétence, de l'indépendance et de l'impartialité des juges et des juridictions, conduit à faire figurer ses principes fondamentaux dans les normes internes du niveau le plus élevé, c'est-à-dire, pour les Etats européens disposant d'une constitution"

[5] The Venice Commission, Report on the independence of the judicial system, part 1; the independence of judges, March 2010, p 10.

 

[6] يشمل الباب الخامس من السلطة القضائية المواد من 102 إلى 123 من دستور 2014.

[7] يشمل الباب السابع من السلطة القضائية المواد من 107 إلى 134 من دستور 2011.

[8]  دليل حول معايير استقلالية القضاء، المفكرة القانونية، الطبعة الأولى، 2016، ص، 22.

[9] يتكون المجلس من 45 عضوا ثلثيهم من القضاة (30 قاضي منهم 18 قاض منتخب) وثلث من غير القضاة (15 عضوًا جميعهم منتخبين) بما يجعل عدد المنتخبين إجمالًا 33 عضوًا.

[10] الدليل، مرجع سابق، ص. 25.

[11] الرأي عدد 10 لسنة 2017 للمجلس الاستشاري للقضاة الأوروبيين بسترازبورغ.

[12] نصت المادة 2019 على تضمن تركيبة المجلس الأعلى للقضاء عضوين من فئة المحامين وعضوين من فئة الأساتذة الجامعيين.

[13] الفصل 125 من مشروع الدستور.

[14] الدليل، مرجع سابق، ص. 39.

[15] الفصل 107.

[16] بمقتضى الفصل 166.

[17]  الفصل 109 من الدستور التونسي "يحجر كل تدخل في سير القضاء".

[18] الفصل 109 من الدستور المغربي "يمنع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء؛ ولا يتلقى القاضي بشأن مهمته القضائية أي أوامر أو تعليمات، ولا يخضع لأي ضغط".

[19] الفصل 166 من الدستور الجزائري بعد تعديل 2016 أنه يحظر كل تدخل في القضاء.

[20]  اعتبر الفصل 128 من الدستور المصري لعام 2012 أن التدخل في شؤون العدالة أو القضايا جريمة لا تسقط بالتقادم.

[21]  المادة 207 في مسودة الدستور الصادرة عام 2015.

[22] مثلًا أوجب الفصل 109 من الدستور المغربي على القاضي، كلما اعتبر أن استقلاله مهدد، أن يحيل الأمر إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية.

[23]  الدليل، مرجع سابق، ص. 65.

[24] بين استقلالية السلطة القضائية واستقلال القضاء، إسعدي أمال، مذكرة لنيل شهادة ماجستير قانون فرع الدولة والمؤسسات العمومية، كلية الحقوق بن عكنون، 2010، ص. 13.

[25]  أحمد مفيد، استقلال السلطة القضائية في المغرب: الضمانات الدستورية وواقع الممارسة وآفاقها، مجلة حكامة، العدد 6، المجلد الثالث، ربيع 2023، ص. 50.

[26] محمود حمد، استقلال القضاء في الوطن العربي: مؤسسات الرقابة الدستورية والمجالس القضائية العليا، مجلة حكامة، العدد 6، المجلد الثالث، ربيع 2023، ص. 30.

[27] الفصل 30.

[28]  طالع، كريم المرزوقي، دستور سعيّد: القضاء من سلطةٍ إلى وظيفةٍ أو وصفةٌ في نسف استقلال القضاء، المفكرة القانونية، بتاريخ 7 يوليه 2022.

[29] الفصل 119.

[30] يُشار، في هذا الجانب، أن رئيس الدولة قيس سعيّد أنشأ مجلس أعلى مؤقت للقضاء بعد حلّ المجلس المنبثق عن دستور 2014، ويتركّب المجلس الجديد من 7 أعضاء في كل قضاء قطاعي، 4 قضاة مباشرين معيّنين بالصفة من كبار القضاة، و3 قضاة متقاعدين يعيّنهم رئيس الدولة بنفسه، ينظر المرسوم المرسوم عدد 11 لسنة 2022. المؤرخ في 12 فبراير 2022. المتعلق بإحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء.

[31]  المرسوم عدد 35 المنقح للمرسوم عدد 11، وتحديدا الفصل 20 جديد، الذي يسمح لرئيس الجمهورية وبناء على "تقرير معلّل من الجهات المخوّلة إصدار أمر رئاسي يقضي بإعفاء كل قاض تعلّق به ما من شأنه أن يمس من سمعة القضاء أو استقلاليته أو حسن سيره" مع تحصين الأمر الرئاسي من أي طعن إلا بعد صدور حكم جزائي بات. هذا المرسوم الذي تمّ بموجبه إصدار الأمر الرئاسي. عدد .516 بتاريخ 1 يونيه .2022 الذي اُعفي بموجبه 57 قاضيًا.

[32] بموجب المرسوم الرئاسي 39-20. المؤرخ في 2 فبراير 2020. المتعلّق بالتعيين في الوظائف المدنية والعسكرية للدولة.

[33] المفكرة القانونية، استقلالية السلطة القضائية في الجزائر النواقص والتحدّيات في ظل حراك مهتز، 28 أغسطس 2023.

[34] الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان: الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: المحاكمات ضد نشطاء حراك الريف محاكمات سياسية وعلى الدولة إطلاق سراحهم. بتاريخ 27 يونيه 2018.

[35] منة عمر، استمرار التوريث في تعيينات القضاء المصري: وكأن ثورة لم تقم. المفكرة القانونية. 18 يوليه 2014.

[36] سوجيت شوردي وكاثرين غلين بايس، المحاكم الدستورية بعد الربيع العربي: آليات التعيين والاستقلال القضائي النسبي، المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات. 2014. ص.9،

[37]  محمود حمد، استقلال القضاء في الوطن العربي: مؤسسات الرقابة الدستورية والمجالس القضائية العليا. مجلة حكامة. العدد 6، المجلد الثالث. ربيع 2023. ص. 24.

[38]  بمقتضى المادة 58.

[39] وكالة الأنباء الأردنية (البترا)، "محكمة أمن الدولة تفصل الحكم بــ 19 ألف قضية العام الماضي". 6 فبراير 2020.

[40]  صدام إبراهيم أبو عزام ومعاذ محمد المومني، القضاء الدستوري في الأردن: نظرة تحليلية.  مؤسسة فريديرش ايربت، مكتب عمان. أكتوبر 2020. ص.15.

[41] المرجع السابق ص.15.

[42] سوجيت شوردي وكاثرين غلين بايس. مرجع سابق. انظر 63 وما بعده.

[43] سوجيت شوردي وكاثرين غلين بايس. مرجع سابق. ص 67.

[44] ناثان ج براون، توغّل السّيسي العسكري. ديوان (نشرية مركز كارينغي في الشرق الأوسط). 21 يوليو 2022.

Previous
Previous

مبدأ استقلال القضاء في السودان بين النظرية والتطبيق

Next
Next

استقلال القضاء الليبي: بين التهديدات المسلحة وآمال الإصلاح القضائي